يلخص كتاب "مأساة إبليس" للدكتور صادق جلال العظم شخصية إبليس من منظور فريد، مقدمًا إياه ليس كمتمرد فحسب، بل كبطل مأساوي ومخلص لخالقه. يتناول الكتاب ما يعتبره "فجوة" في "مشروع الله" في العهدين القديم والجديد، ويرى أن الإسلام يحلها.
يرسم العظم إبليس كشخصية في تناقض بين الأمر الإلهي والإرادة الإلهية، حيث كان عصيانه محسوبًا بدقة. ويجادل بأن هذا العصيان المحسوب ضروري لوجود الخليقة، وللحاجة إلى الأنبياء والكتب المقدسة، وللمعنى العام لـ"خطة الله". يشير العظم إلى هذا التناقض بـ"الغربة"، مستشهدًا بفقرة من الصوفي الحلاج تصف معاناة إبليس على أنها أنين عاشق لا عصيان متمرد.
يقترح الكتاب أن إبليس عبد مخلص، وربما أكثر ولاءً من الملائكة والرسل الآخرين، وقد قدم تضحية عظيمة بالخضوع لإرادة الله، رغم علمه بالعواقب الوخيمة والأبدية. يعتبر هذا الفعل مأساة فريدة لعاشق فريد. يخلص العظم إلى أن قصة إبليس ليست مجرد عن العصيان أو تفوق النار على الطين، ولا صراعًا أساسيًا بين الخير والشر. بل هي محنة كاملة واختيار واعٍ لمصير أبدي، وهو عمل لإرضاء الخالق الذي أمر بشيء وأراد عكسه. كما يقر بقدرة الله الخالقة، حيث أسس الله تراتبية العناصر. بالإضافة إلى ذلك، يذكر المقال أن الصفات الممنوحة لإبليس، ربما دون قصد، منحته قوى إبداعية وملهمة. ويشير المقال أيضًا إلى أن عقوبة إبليس، وهي الطرد، تبدو مكافأة مقنعة، حيث منحه الله السيادة على الأرض والإذن بإغواء البشر، وبالتالي يخدم ذلك في صقل صورة الله كرب رحيم يقبل التوبة.